ساندويش الفلافل على الفحم في شوارع غزة
عندما تبدأ حياتك في أي من بلاد الشام أو مصر فإن هناك بعض الطعام التقليدي الذي بات أساسيا ومشترك لأجيال وأجيال منذ عشرات السنوات، فمنذ أن كنت طفلاً صغيراً وأصبحت أعي ما حولي من أشياء وخاصة الطعام كان الفلافل أحد تلك الأكلات التي عشت طفولتي وأنا أراها أو استمتع بها بشكل يومي في حياتي.
وربما لو قمت ببحث لأرى كم نسبة الأشخاص الذين تذوقوا الفلافل هنا في غزة لوجدت أن النسبة ١٠٠٪. فإن هناك سحر خاص في هذا الأكل بين الطعم المميز والبساطة والتراث الذي ظل مرتبطاً بها عبر الأجيال.
لكن الشيء المثير مؤخراً كان صناعة شكل جديد لساندويشات الفلافل، حيث لم يكن سوى تداخل أفكار بين صناعة عدة أكلات معروفة لكن بتطبيقها على ساندويش الفلافل. بالمصادفة في أحد المرات أثناء المشي مع أصدقائي فإذا بأحد المطاعم الشعبية التي تبيع الفول والحمص والفلافل قد وضع "كانون الفحم" الخاص بالشواء والمعروف لدى الجميع بتواجده عند مطاعم الكباب والشاورما. فسألت أصدقائي عن سبب فعل المطعم لذلك فإذا بصديقي يرد أن ذلك لصنع ساندويشات "فلافل على الفحم"، فلم يكن الأمر سوى شيء جاذب للإنتباه في البداية وأكملنا المشي بعدها.
وبعد أيام أثناء المشي في شوارع المنطقة وإذا بمطاعم شعبية صغيرة أخرى تضع نفس كانون الشواء أمامها، وكان هناك الكثير من الناس يقفون في انتظار دورهم للحصول على ساندويشات الفلافل المشوية على الفحم. وبالطبع كانت ردة فعلي الأولية أن أقف على واحد من الطوابير وانتظر دوري ضمن الآخرين مثلي لأتذوق هذا الاختراع الذي جذب جموع من الناس.
ورغم الإنتظار الطويل، كانت التجربة رائعة فكانت الساندويش من ألذ ساندويشات الفلافل التي تذوقها في حياتي. وعندما سألت صاحب المطعم الأول عن بداية هذه الطريقة الجديدة لصناعة ساندويش الفلافل فأخبرني أن بعض مطاعم الشاورما في غزة بدأت بتقديم الشاورما على الطريقة السورية، حيث يتم تحميرها من الجانبين سواء على الفحم أو على آلات الشواء المختلفة، وهذا الأمر لاقى رواجاً بين محبي الشاورما في غزة فطرأت له فكرة تتطبيق طرق مشابهة لساندويش الفلافل. الفلافل أكلة شعبية وبمقدور أي شخص تناولها بكل يوم على عكس الشاورما التي لا يستطيع تناولها أي شخص يومياً، وبعدها قرر صاحب المطعم تنفيذ الفكرة التي لاقت استحسان كبير وسارعت بالانتشار بين مطاعم غزة الشعبية.
وبالرغم من انتشار وتشابه المطاعم في الإعداد الخارجي لهذه الأكلة إلا أنهم اختلفوا في المحتوى الداخلي الذين يضيفوه مع أقراص الفلافل، حيث يقوم البعض بوضع السلطات والمخلل داخل الساندويش قبل وضعه على الفحم، فيما يذهب آخرون بإضافة البطاطا، بينما يقوم غيرهم بوضع خلطات خاصة بالمطعم شبيهة إلى حدٍ ما بالسلطة التركية الحارة لتضيف طعماً مميزاً.
وبعد تذوقي ساندويش الفلافل على الفحم لدى أكثر من مطعم، ذهبت بنفسي لتقييم أفضل طعم ممكن كنت قد حصلت عليه بعد ذلك، ودعوني أقول أن أفضل طعم هو وضع الفلافل مع بعض الخلطات الحارة الشبيهة بالسلطة التركية مع قطع البطاطا المقلية ووضعها على الفحم، وبعد ذلك وضع القليل من سلطة الطحينية الحامضة ثم تناولها مع بعض المخلل بشكل خارجي وخاصة مخلل الخيار والفلفل الأصفر.
عندما تمتزج الحداثة والتجديد مع التراث لصنع شيء مختلف يحمل معه ما تركه الأجداد ببساطتهم وطيبتهم مع شكل جديد يروق للجميع بطعمه المميز، فإن الاستمتاع يزيد مع كل قضمة طعام. وربما عليكم تجربة "الفلافل على الفحم" في بيوتكم.